نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار في المقال الآتي: كيف مر عام 2022 على الأمريكيين؟
- رافد جبوري
- بي بي سي نيوز عربي – واشنطن
طغت الحرب الروسة الأوكرانية على أحداث عام 2022
بدأ عام ألفين واثنين وعشرين مع أزمة عالمية ممتدة بدأت بالتصاعد نهاية العام الذي سبق وهي أزمة أوكرانيا. ومن المعروف أن روسيا اعتبرت فكرة ضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
أما الولايات المتحدة فتمسكت بمبدأ أن أوكرانيا دولة ذات سيادة، وبإمكانها اتخاذ قراراتها وأن الناتو منظمة مفتوحة قابلة للتوسع، لكنها عرضت الحوار مع روسيا للوصول إلى تفاهمات وتطمينات.
ولكن ذلك لم يكن ممكنا رغم لقاءات كبار المسؤولين الأميركيين والروس.
زار الرئيس الأوكراني زيلينسكي واشنطن في كانون الأول / ديسمبر، والقى كلمة أمام مجلسي الكونغرس
وحذر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بعد ذلك العالم من أن روسيا تخطط لاجتياح أوكرانيا، ورغم تعدد تحذيراته فقد حصل ذلك فعلا.
وفرضت واشنطن سلسلة من العقوبات على روسيا، وبعثت مساعدات عسكرية واقتصادية لأوكرانيا قيمتها عشرات المليارات من الدولارات.
لكن بايدن كان واضحا في أن واشنطن لن تتدخل مباشرة في الحرب.
لا تريد الولايات المتحدة حربا عالمية نووية مع روسيا رغم كل شيء، لكن المفاجأة كانت في الصمود الأوكراني.
فبدلا من سقوط سريع توقعته أجهزة الاستخبارات الأميركية للعاصمة الأوكرانية كييف, فقد صمد الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، وقواته لتتوالى المساعدات الأميركية والغربية له.
ولتتوالى أيضا المشاكل في وجه روسيا وقواتها التي ضمت الأراضي التي احتلتها شرقي وجنوبي أوكرانيا لكنها دفعت ثمنا كبيرا لقاء ذلك تمثل في خسائر كبيرة وانتقادات دولية.
امتدت الحرب الروسية الأوكرانية طوال العام ومازالت مستمرة وأصبحت الحدث الأكبر فيه بالنسبة للرأي العام العالمي والأمريكي.
وقد جاءت الحرب بعد أن تغير تركيز استراتيجية الأمن القومي الأمريكي في السنوات الماضية وأصبح منصبا بصورة رئيسية على التهديد الذي تشكله الدول المنافسة وأبرزها روسيا والصين.
وحتى إذا كانت أوكرانيا بعيدة جدا عن واشنطن، فان الغزو الروسي هدد المنظومة الأوروبية والغربية التي تقودها الولايات المتحدة مما جعل واشنطن تؤيد أوكرانيا بلا تردد ولا تباطؤ وباستمرار.
داخليا، بدأ العام مع خروج الولايات المتحدة تدريجيا من أزمة كوفيد 19.
لكن الآثار الاقتصادية للأزمة وللسياسات التي اتبعت للتعامل معها بدأت تظهر بصيغة تضخم متصاعد لم تعرفه الولايات المتحدة منذ اكثر من أربعين عاما. تراجعت شعبية بايدن اثر ذلك وبدأ حزبه الديمقراطي مقبلا على خسارة كبيرة في انتخابات الكونغرس.
الغت المحكمة الحماية الفدرالية لحق الإجهاض التي كانت مطبقة على مدى خمسين عاما. ويبقى الإجهاض قضية خلافية كبرى في اميركا
لكن المحكمة العليا أصدرت حكما كان مقدرا له أن يؤثر على خيارات كثير من الناخبين وخصوصا الديمقراطيين ويحفزهم على التصويت.
فقد ألغت المحكمة الحماية الفدرالية حق الإجهاض الذي كان مطبقا على مدى خمسين عاما. كانت تركيبة المحكمة قد تغيرت أثناء رئاسة ترامب وأصبحت ذات غالبية محافظة بفعل تعيينات ترامب لثلاثة قضاة محافظي التوجه.
يبقى الإجهاض قضية خلافية كبرى في الولايات المتحدة، فبالنسبة لليبراليين تعد المرأة حرة في التحكم بجسدها واتخاذ القرارات بشأنه ومنها قرار الحمل وعدمه والإجهاض. أما المحافظون فيؤمنون بأن الحياة تبدأ منذ لحظة بدء تكون الجنين وأن إنهاء تلك الحياة جريمة قتل.
اهتزت اميركا باسرها بعد حادث اطلاق النار على مدرسة ابتدائية في يوفالدي في تكساس
وقد شهد عام 2022 تصاعد الجدل في قضية خلافية أخرى هي حق امتلاك السلاح الذي يكفله الدستور الأمريكي. واهتزت البلاد بأسرها بعد حادث إطلاق النار على مدرسة ابتدائية في يوفالدي في تكساس قتل فيه عشرون طفلا.
وكانت هناك حوادث إطلاق نار أخرى لكن قضية يوفالدي، بسبب صغر سن ضحاياها، أعادت فكرة محاولة إصلاح قوانين حيازة السلاح. لكن الأمر لم يتغير إذ يخشى المحافظون أن أي تعديل قد يكون مقدمة لسلب الأمريكيين من حق دستوري.
ويمتلك كثير من الأمريكيين في المناطق الريفية أسلحة يستخدمونها للصيد وللحماية ويعتزون بها، بينما من النادر أن يمتلك سكان المدن أسلحة شخصية.
اصدر بايدن قبيل انتخابات الكونغرس قرارات لاطلاق كميات من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لتهدئة أسعار النفط والوقود
أصدر بايدن قبيل انتخابات الكونغرس قرارات لإطلاق كميات من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لتهدئة أسعار النفط والوقود. كما أصدر قرارا بإلغاء الديون الدراسية التي يستعين بها طلاب الجامعات لدفع أجور دراستهم ويسددونها على دفعات على مدى سنوات.
وكان من المتوقع أن يحقق حزب ترامب الجمهوري فوزا كبيرا في الانتخابات. فالاقتصاد في وضع سيء وشعبية بايدن في الحضيض. لكن احتشاد ناخبي حزب بايدن الديمقراطي بقوة وارتفاع نسب تصويتهم بسبب اهتمامهم بقضية الإجهاض بالإضافة لقرارات بايدن في مجال الطاقة والالغاء ديون الطلبة أسهمت في أن لا يتحقق الفوز الجمهوري المتوقع في انتخابات الكونغرس.
كان من المتوقع ان يحقق حزب ترامب الجمهوري فوزا كبيرا في الانتخابات النصفية
انتهت الانتخابات بفوز الجمهوريين بغالبية صغيرة في مجلس النواب وتعزيز الديمقراطيين لسيطرتهم على مجلس الشيوخ.
تعرض ترامب أيضا للوم بسبب دعمه لمرشحين لم يحققوا نتائج جيدة في الانتخابات. لكن الرئيس السابق استمر في نهج التحدي واعلن ترشحه للرئاسة في انتخابات الفين وأربعة وعشرين.
سيواجه ترامب منافسة قوية من داخل حزبه تتمثل في حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتس
لكن ترامب سيواجه منافسة قوية من داخل حزبه هذه المرة. فقد أفرزت الانتخابات نجما سياسيا صاعدا هو حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتس الذي حقق فوزا كبيرا في فلوريدا المعروفة بتقارب نتائجها وانقسام ناخبيها بين الجمهوريين والديمقراطيين لكن دي سانتس فاز بفترة ثانية في منصب الحاكم بفارق كبير بعد اتباعه لسياسات محافظة وعدم تردده في خوض المواجهات من اجل تلك السياسات مثل تقييد تعليم التربية الجنسية للأطفال الصغار حتى يتجاوزوا سنا معينا، وعدم فرضه قيودا مشددة للتعامل مع ازمة فيروس كورونا بالإضافة الى قوته في الجدال مع الخصوم السياسيين والإعلاميين.
أدى كل ذلك إلى بروز دعوات داخل التيارات المحافظة تطلب أن يترشح دي سانتس للرئاسة في عام 2024 عن الحزب الجمهوري وليس ترامب. لكن ذلك لن يكون سهلا ولن يتم بسرعة إذ ما زال ترامب يحظى بتأييد كبير في صفوف الناخبين المحافظين.
على جانب الديمقراطيين, ولمح بايدن، وهو أكبر الرؤساء سنا في التاريخ الأمريكي، إلى سعيه للترشح أيضا. لا بل إنه دفع باتجاه قرار تبناه الحزب بتغيير ترتيب الولايات التي تجرى فيها الانتخابات التمهيدية واضعا ولايات يعتقد ان له فيها تأييدا كبيرت في المقدمة. ستجرى الانتخابات التمهيدية داخل كل حزب وللناخبين المسجلين في كل حزب على حدة مطلع العام 2024 لكن العام المقبل سيشهد تبلور المرشحين وشخصياتهم وتفاصيل التنافس فيما بينهم.
التعليقات